تفسير: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين، الآية 103 من سورة يوسف

الآية 103 من سورة يوسف

قال تعالى: (وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ) [يوسف - الآية 103]

تفسير جلالين

«وما أكثر الناس» أي أهل مكة «ولو حرصت» على إيمانهم «بمؤمنين».

تفسير السعدي

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ على إيمانهم بِمُؤْمِنِينَ فإن مداركهم ومقاصدهم قد أصبحت فاسدة، فلا ينفعهم حرص الناصحين عليهم ولو عدمت الموانع، بأن كانوا يعلمونهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير لهم، ودفع الشر عنهم، من غير أجر ولا عوض، ولو أقاموا لهم من الشواهد والآيات الدالات على صدقهم ما أقاموا.

تفسير بن كثير

يقرر تعالى أنه رسوله ، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم; ومع هذا ما آمن أكثر الناس; ولهذا قال : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) وقال ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام : 116 ] إلى غير ذلك من الآيات.

تفسير الوسيط للطنطاوي

ثم ساق- سبحانه- ما يبعث التسلية والتعزية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.

أى: لقد جئت- أيها الرسول- للناس بدين الفطرة، الذي ترتاح له النفوس وتتقبله القلوب بسرور وانشراح.

ولكن أكثر الناس قد استحوذ عليهم الشيطان، فمسخ نفوسهم وقلوبهم، فصاروا مع حرصك على إيمانهم، ومع حرصك على دعوتهم إلى الحق على بصيرة، لا يؤمنون بك، ولا يستجيبون لدعوتك، لاستيلاء المطامع والشهوات والأحقاد على نفوسهم.

وفي التعبير بقوله- سبحانه- وَما أَكْثَرُ النَّاسِ.

إشعار بأن هناك قلة من الناس قد استجابت بدون تردد لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت في الدين الحق، عن طواعية واختيار.

وقوله وَلَوْ حَرَصْتَ جملة معترضة لبيان أنه مهما بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في كشف الحق، فإنهم سادرون في ضلالهم وكفرهم، إذ الحرص طلب الشيء باجتهاد.

قال الآلوسى ما ملخصه: «سألت قريش واليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف، فنزلت مشروحة شرحا وافيا، فأمل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك سببا في إسلامهم، فلما لم يفعلوا حزن صلى الله عليه وسلم فعزاه الله- تعالى- بذلك».

تفسير البغوي

( وما أكثر الناس ) يا محمد ( ولو حرصت بمؤمنين ) على إيمانهم.

وروي أن اليهود وقريشا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف فلما أخبرهم على موافقة التوراة لم يسلموا ، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : إنهم لا يؤمنون وإن حرصت على إيمانهم.

تفسير القرطبي

قوله تعالى : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ظن أن العرب لما سألته عن هذه القصة وأخبرهم يؤمنون ، فلم يؤمنوا ; فنزلت الآية تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ; أي ليس تقدر على هداية من أردت هدايته ; تقول : حرص يحرص ، مثل : ضرب يضرب.

وفي لغة ضعيفة حرص يحرص مثل حمد يحمد.

والحرص طلب الشيء باختيار.

تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك، يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك , ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك.