تفسير: قال فاهبط منها فما…، الآية 13 من سورة الأعراف

الآية 13 من سورة الأعراف

قال تعالى: (قَالَ فَٱهۡبِطۡ مِنۡهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخۡرُجۡ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّٰغِرِينَ) [الأعراف - الآية 13]

تفسير جلالين

«قال فاهبط منها» أي من الجنة وقيل من السماوات «فما يكون» ينبغي «لك أن تتكبَّر فيها فاخرج» منها «إنَّك من الصاغرين» الذليلين.

تفسير السعدي

فقال اللّه له: فَاهْبِطْ مِنْهَا أي: من الجنة فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا لأنها دار الطيبين الطاهرين، فلا تليق بأخبث خلق اللّه وأشرهم.

فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ أي: المهانين الأذلين، جزاء على كبره وعجبه بالإهانة والذل.

تفسير بن كثير

يقول تعالى مخاطبا لإبليس بأمر قدري كوني : ( فاهبط منها ) أي : بسبب عصيانك لأمري ، وخروجك عن طاعتي ، فما يكون لك أن تتكبر فيها.

قال كثير من المفسرين : الضمير عائد إلى الجنة ، ويحتمل أن يكون عائدا إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى.

( فاخرج إنك من الصاغرين ) أي : الذليلين الحقيرين ، معاملة له بنقيض قصده ، مكافأة لمراده بضده ، فعند ذلك استدرك اللعين وسأل النظرة إلى يوم الدين.

تفسير الوسيط للطنطاوي

أى: قال الله- تعالى- لإبليس: فاهبط من الجنة بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي.

وقيل إن الضمير في مِنْها يعود على المنزلة التي كان فيها قبل أن يطرده الله من رحمته.

أى: فاهبط من رتبة الملكية التي كنت فيها إلى رتبة العناصر الشريرة.

وقيل: إن الضمير يعود على روضة كانت على مرتفع من الأرض خلق فيها آدم- عليه السلام-.

وقوله: فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها معناه: فما يصح ولا يستقيم ولا يليق بشأنك أن تتكبر فيها، لأنها ليست مكانا للمتكبرين وإنما هي مكان للمطيعين الخاشعين المتواضعين.

وقوله: فَاخْرُجْ تأكيد للأمر بالهبوط ومتفرع عليه.

وقوله: إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ تعليل للأمر بالخروج.

أى: فاخرج منها فأنت من أهل الصغار والهوان على الله وعلى أوليائه لتكبرك وغرورك.

ثم حكى القرآن ما طلبه إبليس من الله- تعالى- وما أجاب الله به عليه.

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( قال فاهبط منها ) أي : من الجنة ، وقيل : من السماء إلى الأرض وكان له ملك الأرض فأخرجه منها إلى جزائر البحر ، وعرشه في البحر الأخضر ، فلا يدخل الأرض إلا خائفا على هيئة السارق مثل شيخ عليه أطمار يروع فيها حتى يخرج منها.

قوله تعالى : ( فما يكون لك أن تتكبر ) بمخالفة الأمر ، ( فيها ) أي : في الجنة ، فلا ينبغي أن يسكن في الجنة ولا السماء متكبر مخالف لأمر الله تعالى : ( فاخرج إنك من الصاغرين ) من الأذلاء ، والصغار : الذل والمهانة.

تفسير القرطبي

قوله تعالى قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرينقوله تعالى قال فاهبط منها أي من السماء.

فما يكون لك أن تتكبر فيها لأن أهلها الملائكة المتواضعون.

فاخرج إنك من الصاغرين أي من الأذلين.

ودل هذا أن من عصى مولاه فهو ذليل.

وقال أبو روق والبجلي : فاهبط منها أي من صورتك التي أنت فيها ; لأنه افتخر بأنه من النار فشوهت صورته بالإظلام وزوال إشراقه.

وقيل : فاهبط منها أي انتقل من الأرض إلى جزائر البحار ; كما يقال : هبطنا أرض كذا أي انتقلنا إليها من مكان آخر ، فكأنه أخرج من الأرض إلى جزائر البحار فسلطانه فيها ، فلا يدخل الأرض إلا كهيئة السارق يخاف فيها حتى يخرج منها.

والقول الأول أظهر.

وقد تقدم في " البقرة ".

تفسير الطبري

القول في تأويل قوله : قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قال الله لإبليس عند ذلك: (فاهبط منها).

وقد بيَّنا معنى " الهبوط" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته.

(15)* * *=(فما يكون لك أن تتكبر فيها)، يقول تعالى ذكره: فقال الله له: " اهبط منها "، يعني: من الجنة =" فما يكون لك ", يقول: فليس لك أن تستكبر في الجنة عن طاعتي وأمري.

* * *فإن قال قائل: هل لأحد أن يتكبر في الجنة؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ, وإنما معنى ذلك: فاهبط من الجنة, فإنه لا يسكن الجنة متكبر عن أمر الله, فأما غيرها، فإنه قد يسكنها المستكبر عن أمر الله، والمستكين لطاعته.

* * *وقوله: (فاخرج إنك من الصاغرين)، يقول: فاخرج من الجنة، إنك من الذين قد نالهم من الله الصَّغَار والذلّ والمَهانة.

* * *يقال منه: " صَغِرَ يَصْغَرُ صَغَرًا وصَغارًا وصُغْرَانًا "، وقد قيل: " صغُرَ يَصْغُرُ صَغارًا وصَغارَة ".

(16)* * *وبنحو ذلك قال السدي.

(17)14359- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (فاخرج إنك من الصاغرين)، و " الصغار "، هو الذل.

--------------------الهوامش :(15) انظر تفسير (( الهبوط )) فيما سلف 1 : 534 ، 548 /2 : 132 ، 239.

(16) انظر تفسير (( الصغار )) فيما سلف ص : 96.

(17) في المطبوعة : (( وبنحو الذي قلنا قال السدي )) ، وأثبت ما في المخطوطة.