تفسير: فطاف عليها طائف من…، الآية 19 من سورة القلم

الآية 19 من سورة القلم

قال تعالى: (فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ) [القلم - الآية 19]

تفسير جلالين

«فطاف عليها طائف من ربك» نار أحرقتها ليلا «وهم نائمون».

تفسير السعدي

فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ أي: عذاب نزل عليها ليلًا وَهُمْ نَائِمُونَ فأبادها وأتلفها.

تفسير بن كثير

ولهذا حنثهم الله في أيمانهم فقال تعالى "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون" أي أصابتها آفة سماوية.

تفسير الوسيط للطنطاوي

( فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ.

فَأَصْبَحَتْ كالصريم )والطائف : مأخوذ من الطواف ، وهو المشى حول الشئ من كل نواحيه ومنه الطواف حول الكعبة.

وأكثر ما يستعمل لفظ الطائف فى الشر كما هنا ، ومنه قوله - تعالى - : ( إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشيطان تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) وعدى لفظ " طائف " بحرف " على " لتضمينه معنى : تسلط أو نزل.

والصريم - كما يقول القرطبى - : الليل المظلم.

أى : احترقت فصارت كالليل الأسود.

وعن ابن عباس : كالرماد الأسود.

أو : كالزرع المحصود.

فالصريم بمعنى المصروم ، أى : المقطوع ما فيه.

أى : أقسم هؤلاء الجاحدون على أن لا يعطو شيئا من جنتهم للمحتاجين ، فكانت نتيجة نيتهم السيئة ، وعزمهم على الشر.

أن نزل بهذه الحديقة بلاء أحاط بها فأهلكها ، فصارت كالشئ المحترق الذى قطعت ثماره ، ولم يبق منه شئ ينفع.

ولم يعين - سبحانه - نوع هذا الطائف ، أو كيفية نزوله ، لأنه لا يتعلق بذكره غرض ، وإنما المقصود ما ترتب عليه من آثاتر توجب الاعتبار.

وتنكير لفظ ( طَآئِفٌ ) للتهويل.

و ( من ) فى قوله ( مِّن رَّبِّكَ ) للابتداء والتقييد بكونه من الرب - عز وجل - لإِفادة أنه بلاء لا قبل لأحد من الخلق بدفعه.

قال القرطبى : فى هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإِنسان ، لأنهم عزموا على أن يفعلوا ، فعوقبوا قبل فعلهم.

ومثله قوله - تعالى - : ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) وفى الحديث الصحيح : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول فى النار.

قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه ".

تفسير البغوي

( فطاف عليها طائف ) عذاب ( من ربك ) ليلا ولا يكون الطائف إلا بالليل ، وكان ذلك الطائف نارا نزلت من السماء فأحرقتها ( وهم نائمون ).

تفسير القرطبي

فجاءوها ليلا فرأوا الجنة مسودة قد طاف عليها طائف من ربك وهم نائمون.

قيل : الطائف جبريل عليه السلام ; على ما تقدم ذكره.

وقال ابن عباس : أمر من ربك.

وقال قتادة : عذاب من ربك.

ابن جريج : عنق من نار خرج من وادي جهنم.

والطائف لا يكون إلا بالليل ; قاله الفراء.

الثالثة : قلت : في هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان ; لأنهم عزموا على أن يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم.

ونظير هذه الآية قوله تعالى : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم.

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.

قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه ".

وقد مضى مبينا في سورة " آل عمران " عند قوله تعالى : ولم يصروا على ما فعلوا.

تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)يقول تعالى ذكر.

: فطرق جنة هؤلاء القوم ليلا طارق من أمر الله وهم نائمون، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقد يقولون: أطفت بها نهارا.

وذكر الفرّاء أن أبا الجرّاح أنشده:أطَفْتُ بِها نَهارًا غَيْرَ لَيْلٍوألْهَي رَبَّها طَلَبُ الرِّخالِ (3)والرِّخال: هي أولاد الضأن الإناث.

وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كريب، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عباس، عن الطوَفان (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ ) قال: هو أمر من أمر الله.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمى، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ) قال: طاف عليها أمر من أمر الله وهم نائمون.

------------------الهوامش :(3) ‌البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 393) عند قوله تعالى: ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ) قال: لا يكون الطائف إلا ليلا، ولا يكون نهارا، وقد تكلم به العرب، فيقولون: أطفت به نهارا، وليس موضعه بالتهار ولكنه بمنزلة قولك: "لو ترك القطا ليلا لنام" لأن القطا لا يسري ليلا، قال: أنشدني أبو الجراح العقيلي: "أطفت بها نهارا.

" البيت ا ه.

والرخال: جمع رخل (بكسر الراء وفتحها): الأنثى من أولاد الضأن.

والذكر: حمل، والجمع: أرخل ورخال (بكسر الراء وضمها) ورخلان أيضا.

ا ه.