تفسير: فأصبحت كالصريم، الآية 20 من سورة القلم

الآية 20 من سورة القلم

قال تعالى: (فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ) [القلم - الآية 20]

تفسير جلالين

«فأصبحت كالصريم» كالليل الشديد الظلمة، أي سوداء.

تفسير السعدي

فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ أي: كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار، هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم.

تفسير بن كثير

( فأصبحت كالصريم ) قال ابن عباس : أي كالليل الأسود.

وقال الثوري ، والسدي : مثل الزرع إذا حصد ، أي هشيما يبسا.

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن أحمد بن الصباح : أنبأنا بشر بن زاذان ، عن عمر بن صبح ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياكم والمعاصي ، إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له " ، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) قد حرموا خير جنتهم بذنبهم.

تفسير الوسيط للطنطاوي

( فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ.

فَأَصْبَحَتْ كالصريم )والطائف : مأخوذ من الطواف ، وهو المشى حول الشئ من كل نواحيه ومنه الطواف حول الكعبة.

وأكثر ما يستعمل لفظ الطائف فى الشر كما هنا ، ومنه قوله - تعالى - : ( إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشيطان تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) وعدى لفظ " طائف " بحرف " على " لتضمينه معنى : تسلط أو نزل.

والصريم - كما يقول القرطبى - : الليل المظلم.

أى : احترقت فصارت كالليل الأسود.

وعن ابن عباس : كالرماد الأسود.

أو : كالزرع المحصود.

فالصريم بمعنى المصروم ، أى : المقطوع ما فيه.

أى : أقسم هؤلاء الجاحدون على أن لا يعطو شيئا من جنتهم للمحتاجين ، فكانت نتيجة نيتهم السيئة ، وعزمهم على الشر.

أن نزل بهذه الحديقة بلاء أحاط بها فأهلكها ، فصارت كالشئ المحترق الذى قطعت ثماره ، ولم يبق منه شئ ينفع.

ولم يعين - سبحانه - نوع هذا الطائف ، أو كيفية نزوله ، لأنه لا يتعلق بذكره غرض ، وإنما المقصود ما ترتب عليه من آثاتر توجب الاعتبار.

وتنكير لفظ ( طَآئِفٌ ) للتهويل.

و ( من ) فى قوله ( مِّن رَّبِّكَ ) للابتداء والتقييد بكونه من الرب - عز وجل - لإِفادة أنه بلاء لا قبل لأحد من الخلق بدفعه.

قال القرطبى : فى هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإِنسان ، لأنهم عزموا على أن يفعلوا ، فعوقبوا قبل فعلهم.

ومثله قوله - تعالى - : ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) وفى الحديث الصحيح : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول فى النار.

قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه ".

تفسير البغوي

( فأصبحت كالصريم ) كالليل المظلم الأسود.

قال الحسن : أي صرم منها الخير فليس فيها شيء.

وقال الأخفش : كالصبح الصريم من الليل وأصل " الصريم " المصروم ، مثل : قتيل ومقتول ، وكل شيء قطع فهو صريم [ فالليل صريم ] والصبح صريم لأن كل واحد منهما ينصرم عن صاحبه.

وقال ابن عباس : كالرماد الأسود بلغة خزيمة.

تفسير القرطبي

قوله تعالى : فأصبحت كالصريم أي كالليل المظلم عن ابن عباس والفراء وغيرهما.

قال الشاعر :تطاول ليلك الجون البهيم فما ينجاب عن صبح بهيمأي احترقت فصارت كالليل الأسود.

وعن ابن عباس أيضا : كالرماد الأسود.

قال : الصريم الرماد الأسود بلغة خزيمة.

الثوري : كالزرع المحصود.

فالصريم بمعنى المصروم ؛ أي المقطوع ما فيه.

وقال الحسن : صرم عنها الخير أي قطع ; فالصريم مفعول أيضا.

وقال المؤرج : أي كالرملة انصرمت من معظم الرمل.

يقال : صريمة وصرائم ; فالرملة لا تنبت شيئا ينتفع به.

وقال الأخفش : أي كالصبح انصرم من الليل.

وقال المبرد : أي كالنهار ; فلا شيء فيها.

قال شمر : الصريم الليل والصريم النهار ; أي ينصرم هذا عن ذاك وذاك عن هذا.

وقيل : سمي الليل صريما لأنه يقطع بظلمته عن التصرف ; ولهذا يكون فعيل بمعنى فاعل.

قال القشيري : وفي هذا نظر ; لأن النهار يسمى صريما ولا يقطع عن تصرف.

تفسير الطبري

وقوله: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) اختلف أهل التأويل في الذي عُني بالصريم، فقال بعضهم: عني به الليل الأسود، وقال بعضهم: معنى ذلك: فأصبحت جنّتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم.

* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من كلب يقال له: سليمان عن ابن عباس، في قوله: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) قال: الصَّرِيم: الليل.

قال: وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه الله.

ألا بَكَرَتْ وَعاذِلَتِني تَلُومُتُهَجِّدُنِي وَما انْكَشَفَ الصَّرِيمُ (4)وقال أيضا:تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البهِيمُفَمَا يَنْجاب عَنْ صُبْحٍ صريمإذَا ما قُلْتَ أقْشَعَ أوْ تَنَاهَىجَرَتْ مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ غُيُومُ (5)‌وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا الاسم.

* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: أخبرني نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جُبير يقول: هي أرض باليمن يقال لها ضَرْوان من صنعاء على ستة أميال.

--------------------الهوامش :(4) ‌نسب المؤلف البيت إلى أبي عمرو بن العلاء.

ولعله يريد أنه مما أنشده أبو عمرو يقول: استيقظت هذه المرأة قبل أن ينكشف الليل عن الصبح، توقظني حين هبت عاذلتي تلومني.

قال في اللسان: هجد.

قال ابن بزرج: أهجدت الرجل: أنمته، وهجدته بالتشديد: أيقظته.

والصريم: الليل.

وقال الفراء في معاني القرآن (339) فأصبحت كالصريم: أي احترقت، فصارت سوداء مثل الليل المسود.

ا ه وفي اللسان (صرم) عن ثعلب، فأصبحت كالصريم: أي احترقت فصارت سوداء مثل الليل.

ا ه.

ويقال: كالشيء المصروم، الذي ذهب ما فيه،.

وقيل : الصريم: أرض سوداء لا تنبت شيئا.

وقال الجوهري : أي احترقت واسودت.

(5) أنشد اللسان: (صرم) البيت الأول من هذا الشاهد، وقال : قال ابن بري: وأنشد أبو عمرو: "تطاول ليلك.

" البيت، فالبيتان إذن ليسا لأبي عمرو، وإنما هو أنشدهما، وكذلك بيت الشاهد الذي قبلهما.

والجون: الأسود، والبهيم: الخالص السواد، لا بياض فيه.

وينجاب: ينكشف ويزول.

وصريم: أي ليل.

وأقشع: زال.

وتناهى: انتهى.

وهذا الشاهد في معنى الشاهد الذي قبله، وهو أن الصريم بمعنى: الليل الشديد السواد.