تفسير: إن الذين آمنوا والذين…، الآية 218 من سورة البقرة

الآية 218 من سورة البقرة

قال تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ) [البقرة - الآية 218]

تفسير جلالين

ولما ظن السرية أنهم إن سلموا من الإثم فلا يحصل لهم أجر نزل «إن الذين آمنوا والذين هاجروا» فارقوا أوطانهم «وجاهدوا في سبيل الله» لإعلاء دينه «أولئك يرجون رَحْمَتَ الله» ثوابه «والله غفور» للمؤمنين «رحيم» بهم.

تفسير السعدي

هذه الأعمال الثلاثة, هي عنوان السعادة وقطب رحى العبودية, وبها يعرف ما مع الإنسان, من الربح والخسران، فأما الإيمان, فلا تسأل عن فضيلته, وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة, وأهل الجنة من أهل النار؟ وهو الذي إذا كان مع العبد, قبلت أعمال الخير منه, وإذا عدم منه لم يقبل له صرف ولا عدل, ولا فرض, ولا نفل.

وأما الهجرة: فهي مفارقة المحبوب المألوف, لرضا الله تعالى، فيترك المهاجر وطنه وأمواله, وأهله, وخلانه, تقربا إلى الله ونصرة لدينه.

وأما الجهاد: فهو بذل الجهد في مقارعة الأعداء, والسعي التام في نصرة دين الله, وقمع دين الشيطان، وهو ذروة الأعمال الصالحة, وجزاؤه, أفضل الجزاء، وهو السبب الأكبر, لتوسيع دائرة الإسلام وخذلان عباد الأصنام, وأمن المسلمين على أنفسهم وأموالهم وأولادهم.

فمن قام بهذه الأعمال الثلاثة على لأوائها ومشقتها كان لغيرها أشد قياما به وتكميلا.

فحقيق بهؤلاء أن يكونوا هم الراجون رحمة الله, لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة، وفي هذا دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة، وأما الرجاء المقارن للكسل, وعدم القيام بالأسباب, فهذا عجز وتمن وغرور، وهو دال على ضعف همة صاحبه, ونقص عقله, بمنزلة من يرجو وجود ولد بلا نكاح, ووجود الغلة بلا بذر, وسقي, ونحو ذلك.

وفي قوله: أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ إشارة إلى أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به لا ينبغي له أن يعتمد عليها, ويعول عليها, بل يرجو رحمة ربه, ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه, وستر عيوبه.

ولهذا قال: وَاللَّهُ غَفُورٌ أي: لمن تاب توبة نصوحا رَحِيمٌ وسعت رحمته كل شيء, وعم جوده وإحسانه كل حي.

وفي هذا دليل على أن من قام بهذه الأعمال المذكورة, حصل له مغفرة الله, إذ الحسنات يذهبن السيئات وحصلت له رحمة الله.

وإذا حصلت له المغفرة, اندفعت عنه عقوبات الدنيا والآخرة، التي هي آثار الذنوب, التي قد غفرت واضمحلت آثارها، وإذا حصلت له الرحمة, حصل على كل خير في الدنيا والآخرة؛ بل أعمالهم المذكورة من رحمة الله بهم, فلولا توفيقه إياهم, لم يريدوها, ولولا إقدارهم عليها, لم يقدروا عليها, ولولا إحسانه لم يتمها ويقبلها منهم، فله الفضل أولا وآخرا, وهو الذي منّ بالسبب والمسبب.

تفسير بن كثير

قال ابن إسحاق : فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن ، طمعوا في الأجر ، فقالوا : يا رسول الله ، أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين [ المهاجرين ] ؟ فأنزل الله عز وجل 🙁 إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ) فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء.

قال ابن إسحاق : والحديث في هذا عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، عن عروة.

وقد روى يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير قريبا من هذا السياق.

وروى موسى بن عقبة عن الزهري نفسه ، نحو ذلك.

وروى شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير نحوا من هذا أيضا ، وفيه : فكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين ، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالوا : أيحل القتال في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله : ( يسألونك عن الشهر الحرام [ قتال فيه ] ) الآية.

وقد استقصى ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب " دلائل النبوة ".

ثم قال ابن هشام عن زياد ، عن ابن إسحاق : وقد ذكر عن بعض آل عبد الله [ بن جحش ] أن الله قسم الفيء حين أحله ، فجعل أربعة أخماس لمن أفاءه ، وخمسا إلى الله ورسوله.

فوقع على ما كان عبد الله بن جحش صنع في تلك العير.

قال ابن هشام : وهي أول غنيمة غنمها المسلمون.

وعمرو بن الحضرمي أول من قتل المسلمون ، وعثمان بن عبد الله ، والحكم بن كيسان أول من أسر المسلمون.

قال ابن إسحاق : فقال أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، في غزوة عبد الله بن جحش ، ويقال : بل عبد الله بن جحش قالها ، حين قالت قريش : قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام ، فسفكوا فيه الدم ، وأخذوا فيه المال ، وأسروا فيه الرجال.

قال ابن هشام : هي لعبد الله بن جحش :تعدون قتلا في الحرام عظيمة وأعظم منه لو يرى الرشد راشد صدودكم عما يقول محمدوكفر به والله راء وشاهد وإخراجكم من مسجد الله أهلهلئلا يرى لله في البيت ساجد فإنا وإن عيرتمونا بقتلهوأرجف بالإسلام باغ وحاسد سقينا من ابن الحضرمي رماحنابنخلة لما أوقد الحرب واقد دما وابن عبد الله عثمان بينناينازعه غل من القد عاند.

تفسير الوسيط للطنطاوي

وبعد أن بين- سبحانه- عاقبة من يرتد عن دينه أتبع ذلك ببيان عاقبة المؤمنين الصادقين فقال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

قال الإمام الرازي: في تعلق هذه الآية بما قبلها وجهان:الأول: أن عبد الله بن جحش قال: يا رسول الله: هب أنه لا عقاب علينا فيما فعلنا، فهل نطمع منه أجرا وثوابا؟ فنزلت الآية، لأن عبد الله كان مؤمنا وكان مهاجرا، وكان مجاهدا بسبب هذه المقاتلة.

وفي الثاني: أنه تعالى لما أوجب الجهاد قبل بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وبين أن تركه سبب للوعيد أتبع ذلك بذكر من يقوم به وجزاؤه فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا، وَالَّذِينَ هاجَرُوا ولا يكاد يوجد وعيد إلا ويعقبه وعد».

والمعنى: إن الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، واستقاموا على طريق الحق، وأذعنوا لحكمه، واستجابوا لأوامر الله ونواهيه: وَالَّذِينَ هاجَرُوا أى: تركوا أموالهم وأوطانهم من أجل نصرة دينهم: وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لإعلاء كلمته أُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات الثلاثة يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ.

أى: يؤملون تعلق رحمته- تعالى- بهم، أو ثوابه على أعمالهم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أى: واسع المغفرة للتائبين المستغفرين، عظيم الرحمة بالمؤمنين المحسنين.

قال القرطبي: «والهجرة معناها الانتقال من موضع إلى موضع، والقصد ترك الأول إيثارا للثاني.

والهجرة ضد الوصل، والاسم الهجرة.

وجاهد مفاعله من جهد إذا استخرج الجهد.

والاجتهاد والتجاهد: بذل الوسع والمجهود، والجهاد- بالفتح- الأرض الصلبة.

وإنما قال يَرْجُونَ وقد مدحهم، لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة ولو بلغ في طاعة الله كل مبلغ لأمرين:أحدهما: أنه لا يدرى بماذا ختم له.

والثاني: لئلا يتكل على عمله، والرجاء أبدا معه خوف كما أن الخوف معه رجاء».

وجيء بهذه الأوصاف الثلاثة مترتبة على حسب الواقع إذا الإيمان يكون أولا ثم المهاجرة من أرض الظالمين إذا لم يستطع دفع ظلمهم، ثم الجهاد من أجل إعلاء كلمة الحق.

وأفرد الإيمان بموصول وحده لأنه أصل الهجرة والجهاد، وجمع الهجرة والجهاد في موصول واحد لأنهما فرعان عنه.

وبذلك نرى أن هذه الآية الكريمة قد دعت المؤمنين إلى بذل أموالهم وأنفسهم في سبيل نصرة الحق بأحكم أسلوب، وبرأتهم مما أثاره المشركون حولهم من شبهات، وحذرتهم من السير في طريقهم، وبشرتهم بحسن العاقبة متى استجابوا لتعاليم دينهم، واعتصموا بحبله.

وبعد هذا الحديث الجامع عن البذل والتضحية، ساق القرآن في آيتين ثلاثة أسئلة وأجاب عنها بما يشفى الصدور، ويصلح النفوس.

فقال تعالى:.

تفسير البغوي

قال أصحاب السرية : يا رسول الله هل نؤجر على وجهنا هذا وهل نطمع أن يكون سفرنا هذا غزوا؟ فأنزل الله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا ) فارقوا عشائرهم ومنازلهم وأموالهم ) ( وجاهدوا ) المشركين ( في سبيل الله ) طاعة لله فجعلها جهادا ، ) ( أولئك يرجون رحمت الله ) أخبر أنهم على رجاء الرحمة ( والله غفور رحيم ).

تفسير القرطبي

قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هاجروا الآية.

قال جندب بن عبد الله وعروة بن الزبير وغيرهما : لما قتل واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي في الشهر الحرام توقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذ خمسه الذي وفق في فرضه له عبد الله بن جحش وفي الأسيرين ، فعنف المسلمون عبد الله بن جحش وأصحابه حتى شق ذلك عليهم ، فتلافاهم الله عز وجل بهذه الآية في الشهر الحرام وفرج عنهم ، وأخبر أن لهم ثواب من هاجر وغزا ، فالإشارة إليهم في قوله : " إن الذين آمنوا " ثم هي باقية في كل من فعل ما ذكره الله عز وجل.

وقيل : إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر ، فأنزل الله : إن الذين آمنوا والذين هاجروا إلى آخر الآية.

والهجرة معناها الانتقال من موضع إلى موضع ، وقصد ترك الأول إيثارا للثاني.

والهجر ضد الوصل.

وقد هجره هجرا وهجرانا ، والاسم الهجرة.

والمهاجرة من أرض إلى أرض ترك الأولى للثانية.

والتهاجر التقاطع.

ومن قال : المهاجرة الانتقال من البادية إلى الحاضرة فقد أوهم ، بسبب أن ذلك كان الأغلب في العرب ، وليس أهل مكة مهاجرين على قوله.

وجاهد مفاعلة من جهد إذا استخرج الجهد ، مجاهدة وجهادا.

والاجتهاد والتجاهد : بذل الوسع والمجهود.

والجهاد ( بالفتح ) : الأرض الصلبة.

و " يرجون " معناه يطمعون ويستقربون.

وإنما قال " يرجون " وقد مدحهم لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة ولو بلغ في طاعة الله كل مبلغ ، لأمرين : أحدهما : لا يدري بما يختم له.

والثاني : لئلا يتكل على عمله ، والرجاء ينعم ، والرجاء أبدا معه خوف ولابد ، كما أن الخوف معه رجاء.

والرجاء من الأمل ممدود ، يقال : رجوت فلانا رجوا ورجاء ورجاوة ، يقال : ما أتيتك إلا رجاوة الخير.

وترجيته وارتجيته ورجيته وكله بمعنى رجوته ، قال بشر يخاطب بنته :فرجي الخير وانتظري إيابي إذا ما القارظ العنزي آباوما لي في فلان رجية ، أي ما أرجو.

وقد يكون الرجو والرجاء بمعنى الخوف ، قال الله تعالى : ما لكم لا ترجون لله وقارا ؛ أي لا تخافون عظمة الله ، قال أبو ذؤيب :إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عواملأي لم يخف ولم يبال.

والرجا - مقصور - : ناحية البئر وحافتاها ، وكل ناحية رجا.

والعوام من الناس يخطئون في قولهم : يا عظيم الرجا ، فيقصرون ولا يمدون.

تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ذكره: إنّ الذين صَدَّقوا بالله وبرسوله وبما جاء به = وبقوله: " والذين هاجروا " الذين هجروا مُساكنة المشركين في أمصارهم ومجاورتهم في ديارهم، فتحولوا عنهم، وعن جوارهم وبلادهم، (39) إلى غيرها هجرة.

(40) لما انتقل عنه إلى ما انتقل إليه.

وأصل المهاجرة: " المفاعلة " من هجرة الرجل الرجلَ للشحناء تكون بينهما، ثم تستعمل في كل من هجر شيئًا لأمر كرهه منه.

وإنما سمي المهاجرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " مهاجرين " ، لما وصفنا من هجرتهم دورَهم ومنازلهم كراهةً منهم النزولَ بين أظهر المشركين وفي سلطانهم، بحيث لا يأمنون فتنتهم على أنفسهم في ديارهم - إلى الموضع الذي يأمنون ذلك.

* * *وأما قوله: " وجاهدوا " فإنه يعني: وقاتلوا وحاربوا.

* * *وأصل " المجاهدة "" المفاعلة " من قول الرجل: " قد جَهَد فلان فلانًا على كذا " -إذا كرَبَه وشقّ عليه-" يجهده جهدًا ".

فإذا كان الفعل من اثنين، كل واحد منهما يكابد من صَاحبه شدة ومشقة، قيل: " فلانٌ يجاهد فلانًا " - يعني: أن كل واحد منهما يفعل بصاحبه ما يجهده ويشق عليه -" فهو يُجاهده مجاهدة وجهادًا ".

* * *وأما " سبيل الله "، فطريقه ودينه.

(41)* * *فمعنى قوله إذًا : " والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله "، والذين تحوَّلوا من سلطان أهل الشرك هجرةً لهم، وخوفَ فتنتهم على أديانهم، وحاربوهم في دين الله ليدخلوهم فيه وفيما يرضي الله =" أولئك يرجون رَحمة الله "، أي: يطمعون أن يرحمهم الله فيدخلهم جنته بفضل رحمته إياهم.

=" والله غفور "، أي ساتر ذنوبَ عباده بعفوه عنها، متفضل عليهم بالرحمة.

(42)* * *وهذه الآية أيضًا ذُكر أنها نزلت في عبد الله بن جحش وأصحابه.

* ذكر من قال ذلك:4102 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، أنه حدثه رجل، عن أبي السَّوار، يحدثه عن جندب بن عبد الله قال: لما كان من أمر عبد الله بن جحش وأصحابه وأمر ابن الحضرمي ما كان ، قال بعض المسلمين: إن لم يكونوا أصابوا في سفرهم -أظنه قال: - وِزْرًا، فليس لهم فيه أجرٌ.

فأنزل الله: " إنّ الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ".

(43)4103 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق قال، حدثني الزهري ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير قال: أنزل الله عز وجل القرآنَ بما أنزلَ من الأمر، وفرَّج الله عن المسلمين في أمر عبد الله بن جحش وأصحابه - يعني: في قتلهم ابن الحضرمي - فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن، طمعوا في الأجر، فقالوا: يا رسول الله، أنطمعُ أن تكون لنا غزوة نُعْطى فيها أجرَ المجاهدين؟ فأنزل الله عز وجل فيهم: " إنّ الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفورٌ رحيمٌ".

فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء.

(44)4104 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: أثنى الله على أصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أحسنَ الثناء فقال: " إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفورٌ رحيم "، هؤلاء خيارُ هذه الأمة.

ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون، وأنه من رجَا طلب، ومن خاف هرب.

4105 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.

------------------------الهوامش :(39) كان الكلام في المطبوعة متصلا بما بعده في موضع هذه النقط ، ولكنه لا يستقيم ولا يطرد.

ففصلت بين الكلامين.

وظني أن سياق الكلام وتمامه : "فتحوَّلوا عنهم وعن جوارهم وبلادهم إلى غيرها هجرة ، لما كرهوا من كفرهم وشركهم ، وإيثارًا لجوار المؤمنين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم" ، وسياق الكلام يدل على ذلك.

(40) مكان هذه النقط خرم لا شك فيه ، كأن ناسخًا أسقط سطرًا أو سطرين ، وكان صدر الكلام فيما أتوهم.

"هجر المكان يهجره هجرًا وهجرانًا وهجرة : كرهه فخرج منه ، تاركًا لما انتقل عنه إلى ما انتقل إليه" - أو كلامًا هذا معناه.

(41) انظر معنى"سبيل الله" فيما سلف ، 2 : 497/ 3 : 564 ، 583.

(42) انظر معنى"غفور" فيما سلف من مراجعه في فهارس اللغة (غفر).

(43) الأثر : 4102 - هو من تمام الأثر السالف رقم : 4084 ، وهو بتمامه في الدر المنثور 1 : 250(44) الأثر : 3103 - سيرة ابن هشام 2 : 255 ، وهو تمام الأثر السالف : 4082.

وكان في المطبوعة هنا : "فوفقهم الله من ذلك.

" ، والصواب ما أثبت من ابن هشام.