تفسير: ولقد أرسلنا إلى ثمود…، الآية 45 من سورة النمل

الآية 45 من سورة النمل

قال تعالى: (وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِيقَانِ يَخۡتَصِمُونَ) [النمل - الآية 45]

تفسير جلالين

«ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم» من القبيلة «صالحاً أن» أي بأن «اعبدا الله» وحدوه «فإذا هم فريقان يختصمون» في الدين فريق مؤمنون من حين إرساله إليهم وفريق كافرون.

تفسير السعدي

يخبر تعالى أنه أرسل إلى ثمود القبيلة المعروفة أخاهم في النسب صالحا وأنه أمرهم أن يعبدوا الله وحده ويتركوا الأنداد والأوثان، ( فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) منهم المؤمن ومنهم الكافر وهم معظمهم.

تفسير بن كثير

يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيها صالح ، عليه السلام ، حين بعثه الله إليهم ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ( فإذا هم فريقان يختصمون ) قال مجاهد : مؤمن وكافر - كقوله تعالى : ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون ) [ الأعراف : 75 ، 76 ].

تفسير الوسيط للطنطاوي

وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً.

معطوف على قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً.

واللام في قوله وَلَقَدْ أَرْسَلْنا.

جواب لقسم محذوف، وثَمُودَ اسم للقبيلة التي منها صالح- عليه السلام-، سميت باسم جدها ثمود.

وقيل: سميت بذلك لقلة مائها، لأن الثمد هو الماء القليل.

وكانت مساكنهم بالحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم-، وهو مكان بين الحجاز والشام، وما زلت مساكنهم تعرف بمدائن صالح إلى اليوم.

وقد مر النبي صلّى الله عليه وسلّم بديارهم، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، سنة تسع بعد الهجرة.

وصالح- عليه السلام- هو نبيهم، وكان واحدا منهم، وينتهى نسبه إلى نوح- عليه السلام- وقبيلة ثمود تسمى عادا الثانية، أما قبيلة عاد فتسمى عادا الأولى، ونبيهم هود- عليه السلام- قالوا: وكان بين القبيلتين زهاء مائة عام.

والمعنى: وبالله لقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود، أخاهم صالحا- عليه السلام-، فقال لهم ما قاله كل نبي لقومه: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ- تعالى- وحده، ولا تشركوا معه آلهة أخرى.

و «إذا» في قوله- تعالى-: فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ هي الفجائية ويَخْتَصِمُونَ من المخاصمة بمعنى المجادلة والمنازعة.

أى: أرسلنا نبينا صالحا إلى قومه، فكانت المفاجأة أن انقسم قومه إلى قسمين: قسم آمن به- وهم الأقلون-، وقسم كفر به- وهم الأكثرون.

وهذه الخصومة بين الفريقين، قد أشار إليها القرآن في قوله- تعالى-: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ، لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا، لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ؟ قالُوا: إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ.

قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.

تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ( ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن ) أي : أن ( اعبدوا الله ) وحده ، ( فإذا هم فريقان ) مؤمن وكافر ( يختصمون ) في الدين ، قال مقاتل : واختصامهم ما ذكر في سورة الأعراف : " قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم " ، إلى قوله : " يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين " ( الأعراف - 75 - 77 ).

تفسير القرطبي

ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله تقدم معناه.

فإذا هم فريقان يختصمون قال مجاهد : أي مؤمن وكافر ; قال : والخصومة ما قصه الله تعالى في قوله : أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه إلى قوله : كافرون.

وقيل : تخاصمهم أن كل فرقة قالت : نحن على الحق دونكم.

تفسير الطبري

يقول تعالى ذكره: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) وَحده لا شريك له, ولا تجعلوا معه إلها غيره (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) يقول: فلما أتاهم صالح داعيا لهم إلى الله صار قومه من ثمود فيما دعاهم إليه فريقين يختصمون, ففريق مصدّق صالحا مؤمن به, وفريق مكذّب به كافر بما جاء به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) قال: مؤمن وكافر, قولهم: صالح مرسل, وقولهم: صالح ليس بمُرسل, ويعني بقوله (يَخْتَصِمُونَ ) يختلفون.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) قال: مؤمن, وكافر.