الآية 5 من سورة الحاقة
قال تعالى: (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهۡلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ) [الحاقة - الآية 5]
تفسير جلالين
«فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية» بالصيحة المجاوزة للحد في الشدة.
تفسير السعدي
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وهي الصيحة العظيم ة الفظيعة، التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم.
تفسير بن كثير
فقال تعالى : ( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ) وهي الصيحة التي أسكتتهم ، والزلزلة التي أسكنتهم.
هكذا قال قتادة ، الطاغية : الصيحة.
وهو اختيار ابن جرير.
وقال مجاهد : الطاغية الذنوب.
وكذا قال الربيع بن أنس وابن زيد : إنها الطغيان ، وقرأ ابن زيد : ( كذبت ثمود بطغواها ) [ الشمس : 11 ].
وقال السدي : ( فأهلكوا بالطاغية ) قال : يعني : عاقر الناقة.
تفسير الوسيط للطنطاوي
والطاغية من الطغيان وهو تجاوز الحد، والمراد بها هنا الصاعقة أو الصيحة التي أهلكت قوم ثمود، كما قال- تعالى-: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ.
ولفظ الطاغية- أيضا- صفة لموصوف محذوف.
والريح الصرصر العاتية: هي الريح الشديدة التي يكون لها صوت كالصرير، كما قال- تعالى-: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ.
والعاتية من العتو بمعنى الشدة والقوة وتجاوز الحد.
أى: كذبت قبيلة ثمود، وقبيلة عاد، بالقيامة التي تقرع القلوب، وتزلزل النفوس، فأما قبيلة «ثمود» فأهلكوا، بالصيحة أو بالصاعقة، أو بالرجفة، التي تجاوزت الحد في الشدة والهول والطغيان.
تفسير البغوي
( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ) أي بطغيانهم وكفرهم.
قيل : هي مصدر ، وقيل : نعت أي بفعلهم الطاغية وهذا معنى قول مجاهد ، كما قال : " كذبت ثمود بطغواها " ( الشمس - 11 ) وقال قتادة : بالصيحة الطاغية ، وهي التي جاوزت مقادير الصياح فأهلكتهم.
وقيل : طغت على الخزان [ فلم يكن لهم عليها سبيل ولم يعرفوا كم خرج منها ] كما طغى الماء على قوم نوح.
تفسير القرطبي
قوله تعالى : فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية فيه إضمار ; أي بالفعلة الطاغية.
وقال قتادة : أي بالصيحة الطاغية ; أي المجاوزة للحد ; أي لحد الصيحات من الهول.
كما قال : إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر.
والطغيان : مجاوزة الحد ; ومنه : إنا لما طغى الماء أي جاوز الحد.
وقال الكلبي : " بالطاغية " بالصاعقة.
وقال مجاهد : بالذنوب.
وقال الحسن : بالطغيان ; فهي مصدر كالكاذبة والعاقبة والعافية.
أي أهلكوا بطغيانهم وكفرهم.
وقيل : إن الطاغية عاقر الناقة ; قاله ابن زيد.
أي أهلكوا بما أقدم عليه طاغيتهم من عقر الناقة ، وكان واحدا ، وإنما هلك الجميع لأنهم رضوا بفعله ومالئوه.
وقيل له طاغية كما يقال : فلان راوية الشعر ، وداهية وعلامة ونسابة.
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)يقول تعالى ذكره: ( فَأَمَّا ثَمُودُ ) قوم صالح، فأهلكهم الله بالطاغية.
واختلف -في معنى الطاغية التي أهلك الله بها ثمود- أهلُ التأويل، فقال بعضهم: هي طغيانهم وكفرهم بالله.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله عزّ وجلّ: ( فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) قال: بالذنوب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) فقرأ قول الله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا وقال: هذه الطاغية طغيانهم وكفرهم بآيات الله.
الطاغيَّة طغيانهم الذي طغوا في معاصي الله وخلاف كتاب الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأهلكوا بالصيحة التي قد جاوزت مقادير الصياح وطغت عليها.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِالطَّاغِيَةِ ) قال: أرسل الله عليهم صيحة واحدة فأهمدتهم.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فأُهلكوا بالصيحة الطاغية.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله إنما أخبر عن ثمود بالمعنى الذي أهلكها به، كما أخبر عن عاد بالذي أهلكها به.