تفسير: فاجتباه ربه فجعله من الصالحين، الآية 50 من سورة القلم

الآية 50 من سورة القلم

قال تعالى: (فَٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَجَعَلَهُۥ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ) [القلم - الآية 50]

تفسير جلالين

«فاجتباه ربه» بالنبوة «فجعله من الصالحين» الأنبياء.

تفسير السعدي

فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ أي: اختاره واصطفاه ونقاه من كل كدر،.

فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ أي: الذين صلحت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم، [وأحوالهم] فامتثل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أمر ربه، فصبر لحكم ربه صبرًا لا يدركه فيه أحد من العالمين.

تفسير بن كثير

يقول تعالى : ( فاصبر ) يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ; فإن الله سيحكم لك عليهم ، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة ، ( ولا تكن كصاحب الحوت ) يعني : ذا النون ، وهو يونس بن متى عليه السلام حين ذهب مغاضبا على قومه ، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له ، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير ، الذي لا يرد ما أنفذه من التقدير ، فحينئذ نادى في الظلمات.

( أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [ الأنبياء : 87 ].

قال الله ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) [ الأنبياء : 88 ] ، وقال تعالى : ( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) [ الصافات : 143 ، 144 ] وقال هاهنا : ( إذ نادى وهو مكظوم ) قال ابن عباس ومجاهد والسدي : وهو مغموم.

وقال عطاء الخراساني وأبو مالك : مكروب.

وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) خرجت الكلمة تحف حول العرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة ، فقال الله : أما تعرفون هذا ؟ قالوا : لا.

قال : هذا يونس.

قالوا : يا رب ، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال : نعم.

قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ; ولهذا قال تعالى : ( فاجتباه ربه فجعله من الصالحين )وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى ".

ورواه البخاري من حديث سفيان‌ الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة‌.

تفسير الوسيط للطنطاوي

وقوله : ( فاجتباه رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصالحين ) تأكيد وتفصيل لنعمة الله - تعالى - التى أنعم بها على عبده يونس - عليه السلام - ، وهو معطوف على مقدر.

أى : فتدراكته النعمة فاصطفاه ربه - عز وجل - حيث رد عليه الوحى بعد انقطاعه ، وأرسله إلى مائة ألف أو يزيدون من الناس ، وقبل توبته ، فجعله من عباده الكاملين فى الصلاح والتقوى ، وفى تبليغ الرسالة عن ربه.

تفسير البغوي

( فاجتباه ربه ) اصطفاه ( فجعله من الصالحين ).

تفسير القرطبي

فاجتباه ربه أي اصطفاه واختاره.

فجعله من الصالحين قال ابن عباس : رد الله إليه الوحي ، وشفعه في نفسه وفي قومه ، وقبل توبته ، وجعله من الصالحين بأن أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون.

تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)يقول تعالى ذكره: فاجتبى صاحبَ الحوت ربُّه، يعني: اصطفاه واختاره لنبوّته (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) يعني من المرسلين العاملين بما أمرهم به ربهم، المنتهين عما نهاهم عنه.