تفسير: وما يستوي الأعمى والبصير…، الآية 58 من سورة غافر

الآية 58 من سورة غافر

قال تعالى: (وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِيٓءُۚ قَلِيلٗا مَّا تَتَذَكَّرُونَ) [غافر - الآية 58]

تفسير جلالين

«وما يستوي الأعمى والبصير و» لا «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» وهو المحسن «ولا المسيء» فيه زيادة لا «قليلا ما يتذكرون» يتعظون بالياء والتاء، أي تذكرهم قليل جدا.

تفسير السعدي

أي: كما لا يستوي الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي من آمن بالله وعمل الصالحات، ومن كان مستكبرًا على عبادة ربه، مقدمًا على معاصيه، ساعيًا في مساخطه، قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ أي: تذكركم قليل وإلا، فلو تذكرتم مراتب الأمور، ومنازل الخير والشر، والفرق بين الأبرار والفجار، وكانت لكم همة عليه، لآثرتم النافع على الضار، والهدى على الضلال، والسعادة الدائمة، على الدنيا الفانية.

تفسير بن كثير

ثم قال : ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره ، بل بينهما فرق عظيم ، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار ، ( قليلا ما تتذكرون ) أي : ما أقل ما يتذكر كثير من الناس.

تفسير الوسيط للطنطاوي

وقوله- تعالى- وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ.

نفى لعدم المساواة بين الأخيار والأشرار.

والمتقين والفجار.

أى: كما أنه لا يصح في عرف أى عاقل المساواة بين الأعمى والبصير.

كذلك لا تصح المساواة بين المؤمنين الذين قدموا في دنياهم العمل الصالح، وبين الكافرين والفاسقين الذين لطخوا حياتهم بالعمل السيئ، والفعل القبيح.

ولفظ «قليلا» في قوله- تعالى- قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ مفعول مطلق، وهو صفة لموصوف محذوف، و «ما» مزيدة للتأكيد.

أى تذكرا قليلا تتذكرون.

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون ) قرأ أهل الكوفة " تتذكرون " بالتاء ، وقرأ الآخرون بالياء ، لأن أول الآيات وآخرها خبر عن قوم.

تفسير القرطبي

قوله تعالى : وما يستوي الأعمى والبصير أي المؤمن والكافر والضال والمهتدي.

والذين آمنوا وعملوا الصالحات أي ولا يستوي العامل للصالحات ولا المسيء الذي يعمل السيئات.

قليلا ما تتذكرون قراءة العامة بياء على الخبر واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، لأجل ما قبله من الخبر وما بعده.

وقرأ الكوفيون بالتاء على الخطاب.

تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58)وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا, وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه, فيتدبرها ويعتبر بها, فيعلم وحدانيته وقُدرته على خلق ما شاء من شيء, ويؤمن به ويصدّق.

والبصير الذي يرى بعينيه ما شخص لهما ويبصره, وذلك مثل للمؤمن الذي يرى بعينيه حجج الله, فيتفكَّر فيها ويتعظ, ويعلم ما دلت عليه من توحيد صانعه, وعظيم سلطانه وقُدرته على خلق ما يشاء; يقول جلّ ثناؤه: كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.

( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول جلّ ثناؤه: ولا يستوي أيضا كذلك المؤمنون بالله ورسوله, المطيعون لربهم, ولا المسيء, وهو الكافر بربه, العاصي له, المخالف أمره ( قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ ) يقول جل ثناؤه: قليلا ما تتذكرون أيها الناس حجج الله, فتعتبرون وتتعظون; يقول: لو تذكرتم آياته واعتبرتم, لعرفتم خطأ ما أنتم عليه مقيمون من إنكاركم قدرة الله على إحيائه من فني من خلقه من بعد الفناء, وإعادتهم لحياتهم من بعد وفاتهم, وعلمتم قبح شرككم من تشركون في عبادة ربكم.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تَتَذَكَّرُونَ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة: " يَتَذَكَّرُونَ" بالياء على وجه الخبر, وقرأته عامة قرّاء الكوفة: ( تَتَذَكَّرُونَ ) بالتاء على وجه الخطاب, والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب.