تفسير: ولو رحمناهم وكشفنا ما…، الآية 75 من سورة المؤمنون

الآية 75 من سورة المؤمنون

قال تعالى: (۞وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ) [المؤمنون - الآية 75]

تفسير جلالين

«ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر» أي جوع أصابهم بمكة سبع سنين «للجوا» تمادوا «في طغيانهم» ضلالتهم «يعمهون» يترددون.

تفسير السعدي

هذا بيان لشدة تمردهم وعنادهم، وأنهم إذا أصابهم الضر، دعوا الله أن يكشف عنهم ليؤمنوا، أو ابتلاهم بذلك ليرجعوا إليه.

إن الله إذا كشف الضر عنهم لجوا، أي: استمروا في طغيانهم يعمهون، أي: يجولون في كفرهم، حائرين مترددين.

كما ذكر الله حالهم عند ركوب الفلك، وأنهم يدعون مخلصين له الدين، وينسون ما يشركون به، فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بالشرك وغيره.

تفسير بن كثير

وقوله : ( ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون ) : يخبر تعالى عن غلظهم في كفرهم بأنه لو أراح عللهم وأفهمهم القرآن ، لما انقادوا له ولاستمروا على كفرهم وعنادهم وطغيانهم ، كما قال تعالى : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) [ الأنفال : 23 ] ، وقال : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين.

بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون.

وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ) [ الأنعام : 27 29 ] ، فهذا من باب علمه تعالى بما لا يكون ، لو كان كيف يكون.

[ و ] قال الضحاك ، عن ابن عباس : كل ما فيه " لو " ، فهو مما لا يكون أبدا.

تفسير الوسيط للطنطاوي

أى: ولو رحمنا هؤلاء المشركين الذين تنكبوا الصراط المستقيم وكشفنا ما بهم من ضر.

أى: من سوء حال بسبب ما نزل بهم من قحط وجدب وفقر لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أى: لتمادوا في طغيانهم، وتجاوزوا الحدود في كفرهم وضلالهم، وفي تحيرهم وترددهم بدون تمييز بين الحق والباطل.

والتعبير بقوله- تعالى- لَلَجُّوا يشعر بأنهم لقسوة قلوبهم، صاروا لا تؤثر فيهم المصائب بل يزدادون بسببها طغيانا وكفرا، إذ الفعل «لجوا» مأخوذ من اللجاج.

هو التمادي والعناد في ارتكاب المنهي عن ارتكابه.

يقال: لج فلان في الأمر يلج لججا ولجاجة.

إذا لازمه وواظب عليه.

ومنه «اللّجة» - بفتح اللام- لكثرة الأصوات.

ولجة البحر- بضم اللام- لتردد أمواجه.

وقوله: يَعْمَهُونَ من العمه، بمعنى التردد والتحير، وهو للقلوب بمنزلة العمى للعيون.

وهو مأخوذ من قولهم: أرض عمهاء، إذا لم يكن فيها علامات ترشد إلى الخروج منها.

تفسير البغوي

( ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ) قحط وجدوبة ( للجوا ) تمادوا ، ( في طغيانهم يعمهون ) ولم ينزعوا عنه.

تفسير القرطبي

قوله تعالى : ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهونقوله تعالى : ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر أي لو رددناهم إلى الدنيا ولم ندخلهم النار وامتحناهم للجوا في طغيانهم قال السدي : في معصيتهم.

يعمهون قال الأعمش : يترددون.

قال ابن جريج : ولو رحمناهم يعني في الدنيا وكشفنا ما بهم من ضر أي من قحط وجوع للجوا أي لتمادوا في طغيانهم وضلالتهم وتجاوزهم الحد يعمهون يتذبذبون ويخبطون.

تفسير الطبري

وقوله: ( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ ) يقول تعالى: ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة، ورفعنا عنهم ما بهم من القحط والجدب وضرّ الجوع والهزال;( لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ ) يعني في عتوّهم وجرأتهم على ربهم.

( يَعْمَهُونَ ) يعني: يتردّدون.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله: ( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ ) قال: الجوع.