تفسير: قل ما أسألكم عليه…، الآية 86 من سورة ص

الآية 86 من سورة ص

قال تعالى: (قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ) [ص - الآية 86]

تفسير جلالين

«قل ما أسألكم عليه» على تبليغ الرسالة «من أجر» جُعل «وما أنا من المتكلفين» المتقولين القرآن من تلقاء نفسي.

تفسير السعدي

فلما بين الرسول للناس الدليل ووضح لهم السبيل قال الله له: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أي: على دعائي إياكم مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَّلِفِينَ أدعي أمرا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ.

تفسير بن كثير

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : ما أسألكم على هذا البلاغ وهذا النصح أجرا تعطونيه من عرض الحياة الدنيا ( وما أنا من المتكلفين ) أي : وما أزيد على ما أرسلني الله به ، ولا أبتغي زيادة عليه بل ما أمرت به أديته لا أزيد عليه ولا أنقص منه وإنما أبتغي بذلك وجه الله - عز وجل - والدار الآخرة.

قال سفيان الثوري عن الأعمش ومنصور عن أبي الضحى عن مسروق قال : أتينا عبد الله بن مسعود قال : يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لا يعلم فليقل : الله أعلم فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم : الله أعلم فإن الله قال لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ) أخرجاه من حديث الأعمش به.

تفسير الوسيط للطنطاوي

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، بأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ، أنه لا يريد من وراء دعوته عرضا زائلا من أعراض الدنيا فقال ( قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين.

إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ.

وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ ).

أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المشركين وغيرهم : إنى لا أسألكم أجرا على تبليغكم ما أمرنى الله بتبليغه إليكم ، وما أنا من الذين يتكلفون ويتصنعون القول أو الفعل الذى لا يحسنونه ، بل أنا رسول من عند الله وصادق فيما أبلغه عنه.

تفسير البغوي

( قل ما أسألكم عليه ) على تبليغ الرسالة ( من أجر ) جعل ، ( وما أنا من المتكلفين ) المتقولين القرآن من تلقاء نفسي ، وكل من قال شيئا من تلقاء نفسه فقد تكلف له.

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : دخلنا على عبد الله بن مسعود فقال : يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : الله أعلم.

قال الله تعالى لنبيه : " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ".

تفسير القرطبي

قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍأي من جعل على تبليغ الوحي وكنى به عن غير مذكور.

وقيل هو راجع إلى قوله : " أأنزل عليه الذكر من بيننا ".

وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَأي لا أتكلف ولا أتخرص ما لم أومر به.

وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : من سئل عما لم يعلم فليقل لا أعلم ولا يتكلف ; فإن قوله لا أعلم علم , وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ".

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( للمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه ويتعاطى ما لا ينال ويقول ما لا يعلم ).

وروى الدارقطني من حديث نافع عن ابن عمر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره , فسار ليلا فمروا على رجل جالس عند مقراة له , فقال له عمر : يا صاحب المقراة أولغت السباع الليلة في مقراتك ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا صاحب المقراة لا تخبره هذا متكلف لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور ).

وفي الموطإ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب : أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا , فقال عمرو بن العاص : يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر : يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا.

وقد مضى القول في المياه في سورة [ الفرقان ].

تفسير الطبري

وقوله ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك, القائلين لك أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا : ما أسألكم على هذا الذكر وهو القرآن الذي أتيتكم به من عند الله أجرًا, يعني ثوابًا وجزاء ( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) يقول: وما أنا ممن يتكلف تخرصه وافتراءه, فتقولون: إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ و إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ.

كما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) قال: لا أسألكم على القرآن أجرا تعطوني شيئا, وما أنا من المتكلفين أتخرّص وأتكلف ما لم يأمرني الله به.